مجموعة من كلام أهل العلم السلفيين "أهل الأثر"
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده تعالى و نستعينه و نستغفره، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده و رسوله.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَتَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } الجزء4السورةآل عمران آية102
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَازَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } الجزء4السورةالنساء آية1
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا«70»يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا«71»} الجزء22السورةالاحزاب آية70/71
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم، و شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار.
قال الإمام مالك رحمه الله: لا يؤخذ العلم على أربعة:
- سفيه معلن السفه.
- و صاحب هوى يدعو إليه.
- و رجل معروف بالكذب في أحاديث الناس و إن كان لا يكذب على الرسول صلى الله عليه و سلم.
- و رجل له فضل و صلاح لا يعرف ما يحدث به.[1]
قال البربهاري رحمه الله:
"و احذر ثم احذر أهل زمانك خاصة، و انظر من تجالس و ممن تسمع، ومن تصحب، فإن الخلق كأنهم في ردة، إلا من عصمه الله منهم".[2]
و قال أيضا: "و المحنة في الإسلام بدعة. وأما اليوم فيمتحن بالسنة؛ لقوله:" إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم "[3] و " لا تقبلوا الحديث إلا ممن تقبلون الشهادة" فتنظر فإن كان صاحب سنة، له معرفة، صدوق، كتبت عنه و إلا تركته [4]
قال ابن العربي رحمه الله:" فما زال السلف يزكون بعضهم بعضا و يتوارثون التزكيات خلفا عن سلف، و كان علماؤنا لا يأخذون العلم إلا ممن زكي و أخذ الإجازة من أشياخه".[5]
قال النووي رحمه الله: " و لا يتعلم إلا ممن تكلمت أهليته و ظهرت ديانته و تحققت معرفته و اشتهرت صيانته فقد قال محمد بن سيرين و مالك بن آنس و غيرهما من السلف " هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم"[6].
قال مسلم رحمه الله: باب بيان أن الإسناد من الدين و أن الرواية لا تكون إلا على الثقات و أن جرح الرواة بما هو فيهم جائز بل واجب و أنه ليس من الغيبة المحرمة بل من الذب عن الشريعة المكرمة.[7]
و قال أيضا: عن ابن سيرين قال: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم و ينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم".[8]
عن بن أبي الزناد عن أبيه قال أدركت بالمدينة مائة كلهم مأمون ما يؤخذ عنهم الحديث يقال ليس من أهله.[9]
قال سفيان بن عيينة قال مسعر: سمعت سعد بن إبراهيم يقول لا يحدث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا الثقات.[10]
قال عبد الله بن المبارك:" الإسناد من الدين و لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء".[11]
و قال أيضا: "بيننا و بين القوم القوائم يعني الإسناد".[12]
قال الدارمي رحمه الله: باب في الحديث عن الثقات:
عن الأوزاعي قال سليمان بن موسى: قلت لطاوس إن فلانا حدثني بكذا وكذا قال إن كان صاحبك مليا فخذ عنه.[13]
عن أبي عون عن محمد قال: إن هذا العلم دين فلينظر عمن يؤخذ دين.[14]
عن عبد الله بن عمرو قال: يوشك أن يظهر شياطين قد أوثقها سليمان يفقهون الناس في الدين.[15]
قال ابن عبد البر رحمه الله: عن عقبة بن نافع قال لبنيه :يا بني لا تقبلوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من ثقة.[16]
و عن ابن معين قال: كان فيما أوصى به صهيب بنيه أن قال يا بني لا تقبلوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من ثقة.[17]
و قال ابن عون: لا تأخذوا العلم إلا من شهد له بالطلب.[18]
قال ابن أبي حاتم في كتابه الجرح و التعديل 2/15: باب في الأخبار أنها من الدين و التحرز و التوقي فيها:
ثم ساق أثر ابن سيرين.ثم أثر انس بن سيرين أنه دخلوا عليه في مرضه فقال اتقوا الله يا معشر الشباب انظروا ممن تأخذون هذه الأحاديث فإنها من دينكم.و أثر بهز بن أسد أنه قال: لو أن لرجل على رجل عشرة دراهم ثم جحده لم يستطع أخذها منه إلا بشاهدين عدلين فدين الله عز و جل أحق أن يؤخذ فيه بالعدول.
وفي الأثر:"دينك دينك إنما هو لحمك و دمك فانظر عمن تأخذ، خذ عن الذين استقاموا و لا تأخذ عن الذين مالوا".[19]
قال ابن سيرين:" كان في الزمن الأول الناس لا يسألون عن الإسناد حتى وقعت الفتنة، فلما وقعت الفتنة سألوا عن الإسناد ليحدث حديث أهل السنة و يترك حديث أهل البدعة."[20]
و قال الخطيب أيضا: "كتب مالك بن أنس إلى محمد بن مطرف: سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد، فإني أوصيك بتقوى الله فذكره بطوله..خذ يعني العلم من أهله الذين ورثوه ممن كان قبلهم يقينا بذلك و لا تأخذ كلما تسمع قائلا يقوله فإنه ليس ينبغي أن يؤخذ من كل محدث و لا من كل من قال و قد كان بعض من يرضى من أهل العلم يقول إن هذا الأمر دينكم فانظروا عمن تأخذون دينكم".[21]
أورد السيوطي رحمه الله[22]: صفة من يؤخذ عنه العلم فقال:" من اشتهرت عدالته بين أهل العلم و شاع الثناء عليه، ثم أورد أثر سعيد بن إبراهيم: لا يحدث عن النبي صلى الله عليه و سلم إلا الثقات و أثر بن سيرين: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، و قال القاضي أبو بكر الباقلاني: الشاهد و المخبر إنما يحتاجان إلى التزكية."
قال الخطيب البغدادي رحمه الله: "و لا يروى إلا عن الثقات ثم أورد بسنده عن بهز بن أسد أنه كان يقول إذا ذكر له الإسناد فيه شيء قال هذا فيه عهدة و يقول لو أن لرجل على رجل عشرة دراهم ثم جحده لم يستطع أخذها منه إلا بشاهدين عدلين فدين الله أحق أن يؤخذ فيه بالعدول".
و بسنده أيضا عن سعد بن إبراهيم قال: "لا تحدث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا عن الثقات.و بسنده عن عمرو بن شمر عن جابر قال قلت لأبي جعفر أقيد الحديث إذا سمعته قال إذا سمعت حديثا من ثقة خير مما في الأرض من ذهب و فضة".
و بسنده عن بن عون عن محمد بن سيرين قال:" إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذونه ذهب العلم و بقي منه غبرات في أوعية سوء".[23]
و بسنده أيضا عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي الأسود عن المنذر بن الجهني و كان قد دخل في هذه الأهواء ثم رجع فسمعته يقول اتقوا الله و انظروا عمن تأخذون هذا العلم فإننا كنا ننوي أن نروي لكم ما يضلكم.[24]
و بسنده عن أحمد بن يوسف بن أسباط سمعت أبي يقول ما أبالي سمعت صاحب بدعة عن ديني أو زنيت.[25]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى 11/43: "و من له في الأمة لسان صدق بحيث يثنى عليه و يحمد في جماهير أجناس الأمة فهؤلاء أئمة الهدى و مصابيح الدجى."
قال الإمام الشاطبي رحمه الله في الإعتصام 3/99:" و العالم إذا لم يشهد له العلماء فهو في الحكم باق على الأصل من عدم العلم حتى يشهد فيه غيره، و يعلم من نفسه ما شهد له به، و إلا فهو على يقين من عدم العلم أو على الشك، فاختار الإقدام في هاتين الحالتين على الإحجام إلا باتباع الهوى، و إذا كان ينبغي له أن يستفتي في نفسه غيره فإن لم يفعل، كان من حقه أن لا يقدم إلا أن يقدمه غيره، و لم يفعل".
قال العلامة الألباني رحمه الله معلقا على هذا الكلام في الصحيحة: 2/317:
((هذه نصيحة الإمام الشاطبي إلى العالم الذي بإمكانه أن يتقدم على الناس بشيء من العلم، ينصحه بأن لا يتقدم حتى يشهد له العلماء خشية أن يكون من أهل الأهواء، فماذا كان ينصح بل ترى لو رأى بعض هؤلاء المتعلقين بهذا العلم في زماننا هذا ؟ لاشك أنه سيقول له:" ليس هذا عشك فادرجي" فهل من معتبر؟ و إني و الله لأخشى على هذا البعض أن يشملهم قوله صلى الله عليه وسلم:" ينزع عقول أهل هذا الزمان، و يخلف لها هباء من الناس، يحسب أكثرهم أنهم على شيء و ليسوا على شيء" و الله المستعان)).اهـ
و قال العلامة الألباني رحمه الله أيضا:"عندنا مثلا الآن مشكلة تتعلق بالعقيدة عندنا الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله ( رحمه الله تعالى ) و عندنا هذا الرجل الذي ابتلي به الشعب الأردني في هذا الزمان بجهله و بقلة أدبه مع علماء السلف فضلا من الخلف يقول مثلا عن الشيخ عبد العزيز بن باز بأنه لا علم عنده بالتوحيد !! فأنا أتعجب من هؤلاء الشباب الذين التفوا حوله متى عرف هذا الرجل بالعلم حتى يعتمد عليه و الشيخ ابن باز مثلا ملأ علمه العالم الإسلامي إذن هنا أحد شيئين إما الجهل أو إتباع الهوى فهؤلاء الذين يلتفون حول هذا الرجل؛ هذا الرجل ابن اليوم في العلم ما أحد عرفه و لا أحد شهد له لا من المهتدين من العلماء المهتدين و لا من العلماء الضالين ما أحد شهد له بأنه رجل عالم فلماذا يلتف حوله هؤلاء الشباب أحد شيئين؟؟ أما أنهم لا يعلمون هذا التدقيق الذي نحن نتسلسل فيه من الصحابة إلى اليوم.
صحابيان اختلفا رجل من السابقين الأولين و آخر ممن اتبعوهم بإحسان من أهل...و غيرهم ممن تأخروا في الإسلام هؤلاء أهل علم و هؤلاء أهل علم لكن من هؤلاء من السابقين ؟.فهنا نفس القضية تمشي تماما رجلان أحدهما بلغ من السن ما شاء الله و هو عالم و ينشر العلم و يعترف بعلمه و فضله و آخر لا قيمة له و لا يعرف له منزلة علمية عند أهل العلم إطلاقا في بلده فضلا عن بلاد أخرى فإذن من هنا يأخذ الإنسان منهجا ممن يتلقى العلم أمن هذا الحدث أو الحدث؟ أو من ذلك الرجل العالم الفاضل الذي ملأ بعلمه الدنيا؟ اهـ من شريط " دعوتنا"
و قال الشيخ الألباني رحمه الله كلاما نفيسا في التزكية في شريط المتجرءون على الفتيا و الشريط الأول من أشرطة دعوتنا من أحب أن يراجعه فليراجعه.
سئل العلامة الفوزان حفظه الله السؤال التالي:" فضيلة الشيخ لقد كثر المنتسبون إلى الدعوة في هذه الأيام مما يتطلب معرفة و تعيين الحقيقيين من أهل العلم لتوجيه الأمة و الشباب إلى المنهج الحق و الصواب فمن هم العلماء الذين تنصح بهم الشباب بالإستفادة منهم و متابعة دروسهم و أشرطتهم المسجلة و أخذ العلم عنهم و الرجوع إليهم في المهمات و النوازل و أوقات حدوث الفتن؟
فأجاب حفظه الله: الدعوة إلى الله أمر لابد منه و الدين إنما قام على الدعوة و الجهاد على الدعوة و الجهاد بعد العلم النافع العلم هو الأصل العلم النافع هو الأصل ثم الدعوة ثم الجهاد (( إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر )) الإيمان يعني العلم بالله سبحانه و تعالى و بأسمائه و صفاته و عبادته و العمل الصالح يكون فرعا عن العلم النافع لأن العمل لابد أن يؤسس على علم.الدعوة إلى الله و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و التناصح بين المسلمين هذا أمر مطلوب و لكن ما كل يحسن أن يقوم بهذه الوظائف، الأمور لا يقوم بها إلا أهل العلم و أهل الرأي الناضج لا يقوم بها أي واحد من الناس لأنها أمور ثقيلة و أمور مهمة لا يدخل و يقوم بها إلا من هو مؤهل للقيام بها و من المصيبة اليوم أن باب الدعوة صار بابا واسعا كل يدخل منه و يتسمى بالدعوة و قد يكون جاهلا لا يحسن الدعوة فيفسد أكثر مما يصلح قد يكون متحمسا يأخذ الأمور بالعجلة و الطيش فيتولد عن فعله من الشرور أكثر مما عالج و ما قصد إصلاحه ربما يكون من ينتسبون إلى الدعوة من لهم أهواء و أغراض يدعون إليها و يريدون تحقيقها على حساب الدعوة ربما أن بعضهم يريد تضليل الناس و التشويش على أفكار الشباب باسم الدعوة و باسم الغيرة للدين و هو يقصد خلاف ذلك يقصد الإنحراف بالشباب و الإنحراف بأفكار الناشئة و تنفير الشباب عن مجتمعهم و عن ولاة أمورهم و عن علمائهم و يأتيهم بطريق النصيحة و طريق الدعوة في الظاهر و هذا قصده في الباطن كحال المنافقين في هذه الأمة الذين يريدون بالناس الإنحراف بصورة الخير أضرب لذلك مثلا في أصحاب مسجد الضرار بنوا مسجدا في الصورة و الظاهر للناس أنه مسجد وعمل صالح و طلبوا من النبي صلى الله عليه و سلم أن يصلي فيه لأجل أن يرغب الناس فيه و يقره و لكن الله علم من نيات أصحابه أنهم يريدون بذلك الإضرار بالمسلمين و يريدون بذلك الضرار بمسجد قباء أول مسجد أسس على التقوى و يريدون أن يفرقوا جماعة المسلمين الذين كانوا يجتمعون في مسجد قباء فبين الله لرسوله مكيدة هؤلاء و أنزل قوله تعالى:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًاوَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ«107»لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ«108»} الجزء11السورةالتوبة آية107/108 يبين لنا من هذه القصة العظيمة أن ما كل من تظاهر بالخير و العمل الصالح يكون صادقا فيما يفعل إنما أقصد من وراء ذلك أمور أخرى عكس ما يظهر.الذين ينتسبون إلى الدعوة اليوم فيهم مضللون فيهم مضللون يريدون انحراف بالشباب و يريدون صرف الناس عن الدين الحق يريدون تفريق جماعة المسلمين يريدون الإيقاع في الفتنة ...ليست العبرة بالإنتساب أو بما يظهر بل العبرة بالحقائق و عواقب الأمور و بالأشخاص الذين ينتسبون إلى الدعوة يجب أن ينظر فيهم أين درسوا؟ و من أين أخذوا العلم ؟و أين نشئوا و ما هي عقيدتهم ؟و تنظر أعمالهم و آثارهم في الناس ماذا أنتجوا من الخير؟ و ماذا ترتب على أعمالهم من الإصلاح يجب لأن تدرس أحوالهم قبل أن يغتر بأقوالهم و مظاهرهم هذا أمر لابد منه خصوصا في هذا الزمان الذي كثر فيه الدعاة إلى الفتنة، النبي صلى الله عليه و سلم وصف هؤلاء: دعاة الفتنة بأنهم قوم يتكلمون بألسنتنا قوم من جلدتنا و يتكلمون بألسنتنا و النبي صلى الله عليه و سلم لما سئل عن الفتنة قال: دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم قذفوه فيها. فعلينا أن نتنبه لهذا و لا نحشد في الدعوة كل من هب و دب و كل من قال أنا أدعو إلى الله و هذه جماعة تدعو إلى الله لابد من النظر في واقع الأمر و لابد من النظر في واقع الأفراد و الجماعات فإن الله سبحانه و تعالى إنما قيد الدعوة بالدعوة إلى الله إلى سبيل الله قال تعالى: { قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } الجزء13السورةيوسف آية108 أدعو إلى الله دل على أن هناك أناس يدعون إلى غير الله سبحانه و تعالى الله سبحانه و تعالى أخبر أن الكفار يدعون إلى النار قال سبحانه و تعالى: {وَلاَتَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَتُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } الجزء2السورةالبقرة آية221 من رسالة "العلم و آثاره الحميدة".
قال الشيخ حفظه الله أيضا في كتاب ((البيان لأخطاء بعض الكتب)): و تعلم العلم بنوعيه العيني و الكفائي إنما يتلقى عن العلماء الثقاة الذين حملوه بأمانة، قال صلى الله عليه و سلم: (( يحمل هذا العلم في كل خلف عُدُولُه)) و قال صلى الله عليه و سلم: (( العلماء ورثة الأنبياء )) فكما أن العلم يتلقى عن الأنبياء حال وجودهم في الناس فكذلك يتلقى عن خلفائهم وورثتهم بعد موتهم و هم العلماء و لا تخلو الأرض -و الحمد لله- في كل وقت من قائم منهم لله بحجة.
فيجب على المسلمين أن يتلقوا العلم عنهم و يعملوا بتوجيهاتهم – لكننا في هذه السنوات الأخيرة مع الأسف الشديد –نرى كثيرا ممن يرغبون في العلم خصوصا الشباب قد عدلوا في هذه الطريقة فعدلوا عن تلقي العلم عن العلماء الثقات إلى تلقي العلم إما عن أناس جهال لا يعرفون مدارك الأحكام و مناط الحلال و الحرام و أما عن أناس غير معروفين بالثقة و الأصالة في العقيدة الصحيحة.ولاشك أن هذا الصنيع سيئول بهم إلى ما لا تحمد عقباه قال بعض السلف :" إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم"و عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:" لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من علمائهم و كبرائهم و ذوي أسنانهم فإذا أتاهم العلم عن صغارهم و سفهائهم فقد هلكوا".
قال الشيخ الألباني رحمه الله في شريط "رد شبهات مدعي الجهاد" الوجه الثاني: أنا أنصح هذه الجماعة و غيرها ألا ينفردوا بتأويل حديث و بتفسيره حتى يسألوا أهل العلم الذين يشهد لهم العلماء بأنهم من أهل العلم و حين ذاك سيطبقون نصا في القرآن الكريم و ألا فقد خالفوه شاءوا أم أبوا و أعني بهذا النص قول الله عز و جل: { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } الجزء17السورةالانبياء آية7.
قال الشيخ ربيع حفظه الله: قال علماء السلف كابن المبارك و أمثاله:" ان هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم"فلا يؤخذ الدين من الملبسين الأدعياء، و لا من الواضحين في الضلال، ولا من غيرهم، وإنما يأخذون العلم من أهل العلم الثقات العدول الموالين في الله و المعادين فيه و المنابذين للباطل و الداعين إلى الحق و إلى الهدى المستقيم، عليهم أن يختاروا و يتثبتوا و لا يتسرعوا فيسمعوا أو يقرؤوا لكل من هب و دب؛ لأن كثيرا منهم في مرحلة البداية لا يميزون بين حق و باطل فيقرؤون لأمثال من ذكرت فيخرجونه عن منهج الله إلى مناهجهم الفاسدة، ليحذروا تلك المقولة المضللة:
" نقرأ في الكتب و نسمع من الأشخاص و ما كان من حق أخذناه، و ما كان من باطل رددناه".[26]
والحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله ومن نهج نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين.
الهوامش السفلية:
[1]مختصر جامع بيان العلم ص91-92
[2]الأثر رقم 150 شرح السنة للبربهاري.
[3]قول ابن سيرين رحمه الله و هو في مقدمة صحيح مسلم
[4]الأثر رقم 152 شرح السنة للبربهاري
[5]الجنوب ص4
[6]التبيان في آداب حملة القرآن1/25
[7]مقدمة صحيح مسلم.
[8]مقدمة صحيح مسلم.سنن الدارمي برقم 316.
[9] مقدمة صحيح مسلم.
[10]مقدمة صحيح مسلم.سنن الدارمي برقم415.
[11] مقدمة صحيح مسلم.
[12]مقدمة صحيح مسلم.
[13] .سنن الدارمي برقم425.
[14].سنن الدارمي برقم419.
[15].سنن الدارمي برقم428.
[16]التمهيد 1/45.
[17]التمهيد 1/45.
[18] نفس المصدر.
[19]الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي1/120.
[20] الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي 1/121.
[21]الكفاية 1/159.
[22]تدريب الراوي1/301-302-303-304.
[23]أدب الإملاء و الإستملاء ص 55.
[24]أدب الإملاء و الإستملاء ص 56.
[25]أدب الإملاء و الإستملاء ص 58.
[26] دفع بغي عدنان على علماء السنة و الإيمان97.